المشاركات

شيماء والرعد

                       ابنتي شيماء ، طفلة مرحة ،  البسمة  تعلو  دوما محياها يميزها حس النكتة والدعابة .  في يوم ممطر وبينما هي عائدة من المدرسة ، أبرقت  السماء  وأرعدت .. يومها ذاك كان مشهودا .. دخلت وقد علا وجهها شحوب وأصيبت بتعتعة... تأملت شكواها  بدا  أنها أصيبت برهاب الظواهر  الطبيعية في سن مبكرة. أوت إلى غرفتها ترتعد وتصم أذنيها بيديها الصغيرتين. تصرخ تبكي وتسألني أن أحضنها مخافة أن يتوقف قلبها نامت الصغيرة بعد جهد جهيد.في الصباح فتحت عيونها الجميلة ... أطلقت لها العنان تجول في أرجاء الغرفة … كانت تتحسس صوت الرعد.. . جلست قربها أداعب شعرها وأحثها على النهو ض هي ترفض الذهاب إلى المدرسة وحدها فصاحبتها . غادرت المدرسة مهرولة لا تلقي بالا   لموطئ قدم فتسقط أرضا بين الحين والآخر... أصبحت تعيش حبيسة حواسها تتحسس موضع قلبها تحسب دقاته المتسارعة تحدق بأطرافها التي اعترتها رعشة,تمسك بثيابي مخافة أن أتركها... انتهى فصل الشتاء ,كسيت الارض حلة  بهيجة .. .وعادت شيماء لتصبح محور الأسرة من جديد ..انتهت السنة الدراسية   قررنا  إدخال البهجة على قلبها وطي صفحة

على مشارف البلوغ

على مشارف البلوغ انسابت ومضات من كل الخلايا، حفرت أخاديد عميقة في كياني،فجَّرتْ منابع نشوة    فريدة ،حلوة المذاق لذيذة ،زهت بها النفس فحلّقتُ خارج دنيا الحس..  استعجلتُ نسمات البلوغ والحرية لأتذوق طعم الأنوثة وأنهل من نبع البالغات...   امتطيت قطار الحياة..وهاهي امرأة تجر جسدا ممشوقا فارع الطول، تلوك علكة في   تُؤَدة، تزفها إلينا الأنوثة في مواكب عطور باريسية أخاذة،  ترتدي فستانا ورديا    ،طُرِّز عند النحر، والخصر، بخيوط حريرية نفيسة، مكشوف حذو الظهر، يعلو   الركبتين مقرفصا،يتأمل الساقين ترشقهما  سهام الأبصار في انتشاء ..أسرفت في   تبرجها إلى حد ملفت للنظر ... أطرقت السمع، فإذا همهمات، وقهقهات، تدوي في  المكان، تمشي الهوينى  ،لاهية عن الهمز واللمز  ، تحط خطوات مثقلة بالأنوثة   كأنها تتفادى منابت الشوك ، تجر كرسيا وتجلس قربي،تأملت محياها ، تركت لدي   ابتسامتها العريضة وحيويتها انطباعا جميلا. بدت لي الحياة جدولا سهل   الاجتياز  ، كأسا عذب الرشفة ، وها أنا أعانق شواطئ الحياة في ظلمة   أعماقي ،وأخو ض غمار أحلام غير مكتملة المعالم  ، أحاول تسطير خطط مستقبلية   على مرأ

على تخوم الطفولة

على تخوم الطفولة  كلما ساقني الحنين خلف الخطى إلى مسقط رأسي،تنفرج أسارير المحيا،تنحسر زفرات الضيق ،ويبتهج القلب، وتتبدد سحابة الكدر والانقباض..فهذه ألوان أقحوان المروج تمد  لي يد الترحاب، وسواقي الجوار تزف إلى مسامعي خرير الماء يعزف ألحان الخلود ،وشقشقة العصافير تدوي ،إيذانا بالسرور..رباه كم أشتاق إلى أبي ،ها صوته يجلجل ،وها هي الذكرى تزف إلي صوته  وهو يصارع العجل السمين  المزركش بياضا وسواد ا: - ناوليني السكين ، فقد يرفسك الثور يا مليكة  ... سكان القرية يلقبون والدي ) البهجة(    نسبة لأصله المراكشي  ، ولكونه كان  مبتهجا على الدوام.. كم تمنى لو كنت  ذكرا،أُميل الطاقية المراكشية على الجانب عندما أكبر،ألبس جلبابا تقليديا، وأخرج يدي من فتحة الجيب ،كما ورث هو عن أجداده ،  أحمل شكارة جلدية من الصنع التقليدي الرفيع لجلود بلادي، وتستقر لحظة اهتزازها على الخصر ،فينادونني البهجة الصغير..كانت أغاني حميد الزاهر تصدح في البيت وفي المجزرة ..كان يحبه كثيرا .لقد كان زوجا لإحدى  عماته.. آه، كم يشع بريق عينيه لهفة ،كلما رآى  عبد الله، وإدريس ،ونور الدين، أبناء صديقه عمي أحمد  .. ! أشفق عل

قالب سكر

قالب سكر كنا صغارا وكنا لا نأبه لهموم الوالدين ولا لمشاغل العالم من حولنا  ..نعيش لنأكل ونلعب ونمرح.. في يوم من الايام,وفي سن فقد فيه الزمان والمكان وزنهما عندي.كانت أحلامي صغيرة صغر حجمي .  وكان الحاضر والمستقبل معا قد سجنا بين جدران رضاعتي اللذيذة وفرشتي الوثيرة . لم تكن عيوني ترى أبعد من حدود أنفي.. لكنها يوما لمحت قالب سكر تحت سرير أمي التي كثيرا ما كانت تستعمل أسفل السرير كبيت خزين مثلها في ذلك مثل باقي نساء القرية ..  حبوت حتى وصلت إلى قالب سكر  رفعت رأسي الصغير وأرسلت بصري إلى قمته  كان يبدو  هرما شامخا في عليائه فسول لي فهمي الصغيرفكرة محاولة تسلقه ،حاولت.. لكني عبثا فعلت ..عجزت ..حضنته  وطفقت ألحسه كما أفعل مع كل ما تلمسه يدي. شبعت ،داعب النوم جفوني فتوسدت القالب ونمت.. أنهت أمي أشغالها خارج الغرفة ثم عادت لتتفقدني .بحثت في الأرجاء ولما لم تجدني هرعت إلى الشارع تصرخ  : -          النجدة النجدة   أغيثوني ا لا أجد ابنتي .! ظن البعض أني خطفت أو أني سقطت في بئر الحي المسواة مع الأرض .   -          حملت أمي مصباحها الزيتي خرجت رفقة والدي تبغي البئر التي تبعد خطوات ف