لماذا دمرت الجن الضيعة المسكونة في سبعة ايام

  

 لماذا  دمرت الجن  الضيعة  المسكونة في سبعة ايام 

أحداثها تدور في منطقة من مناطق سايس بالمغرب المنطقة معروفة بخصوبة التربة وتساقطاتها المطرية المهمة ..عندما أصبحت المنطقة  تحت سيطرة المستعمر حول المالكين الاصليين إلى عمال مياومين ..

 المنطقة  كانت مساحتها أكثر من مائة هكتار.. وضع على رأسها أجنبي اسمه alin الرجل يتمتع بخبرة في ميدان الفلاحة والزراعة وتربية المواشي..

لضمان إنتاج وفير جلب alin للضيعة آلات الحرث والزرع والجرف والحصاد ...

جلب أيضا تقنية متقدمة لحلب الابقار وصناعة الأجبان وتصبير اللحوم وتخزينها في مبردات في انتظار التصدير..بنى إسطبلات للبقرة والغنم والماعز..

 حفر الآبار وسيج الأراضي بأسوار من التين الشوكي..بنى بيوتا للعمال الذين جلبهم من خارج الضيعة ..وتعلم لغتهم لتسهيل التواصل بينهم..   

             الضيعة موضوع حديثنا يتوسطها هكتار تم اعتباره نقطة سوداء... فلماذا نعت ذلك الهكتار بكونه نقطة سوداء يا ترى؟ هذا ما سنعرفه بعد قليل  

  كان الهكتار مختلفا شكلا ومحتوى عن باقي الهكتارات..   فيه جبل صغير محاط بشجر الزيتون والخروب والسفرجل والرمان والتين   فيه طيور ارتبط اسمها بالخراب والمخاوف كالغربان والبومة  ..   

  الجبل  محفور على هيأة كهف ,كان ملاكه الاصليون يخزنون فيه الفحم الخشبي  

الهكتار  الذي حمل اسم الكوشة  من باب التغليب ,  أصبح اسمه لصيقا بالحكايات المرعبة والحوادث المخيفة..  لاحظ السكان حدوث أمور غريبة كلما دخلها alinوطال بقاؤه فيها  ...لاحظوا انه قبل الدخول , يطوف حولها حتى ياخذ منه العياء كل مأخذ و تنقطع أخباره مدة من الزمن قبل الظهور..

لاحظ الاجنبي ان سكان الضيعة  يراقبون تحركاته كلما سلك طريقه الى الكوشة  ولذلك  أعطى أوامره بتسييج الكوشة بأعمدة من حديد وأسلاك شائكة ...

 هذه الخطوة منalin دقت أول مسمار في نعش الضيعة التي إلى عهد قريب كان السكان يعتبرونها ملكا لهم أما alin فيعتبرونه محتل ما يلبث أن يرحل   ..

 ضلوا على ذلك الاعتقاد الى أن نبههم جار لهم يقال له المراكشي عندما أخبرهم أن الوقت في صالحهم فليتركوا الغازي منشغلا باستنزاف خيرات الضيعة و ليعدوا له ما استطاعوا من عدة وعتاد لإلحاق الهزيمة به وباقي الغزاة    ...  

 شجعهم  على التظاهر بالسمع والطاعة والعمل سرا لتكوين خلية هدفها توجيه وتكوين وإعداد المقاومين وتوفير المأكل والملبس لعائلاتهم  فترة انشغالهم بتلك المهمة النيلة خارج الضيعة..   

  من أجل ذلك ,كان عدد من الرجال وخاصة الشبان  يتخفون في ملابس نسائية ويخرجون الى المناطق المجاورة لتحقيق تلك الاهداف   لم يكن alin ومعاونوه يشكون في ان تلك نسوة  الضيعة تغادر للتسوق , فقد ألفوا منهن ذلك الصنيع..

    عندما لمس فيهم alin طاعة ومسكنة انتابه إحساس بالزهو والفخر لكونه يمسك زمام الضيعة بيد من حديد  ...

 أخذ الأجانب يترددون على الضيعة بكثرة ويقصدون الكوشة  صحبةalin وهم يحملون أكياسا  كثيرة ,يقضون هناك ساعات ثم يغادرون..كل ذلك يتم تحت اعين ..

عجب alin  من صمت العمال وانكبابهم على العمل .. خشي أن يكون ذاك الصمت الذي يسبق العاصفة ... استدعى المراكشي المعروف بحكمته وطلب منه أن يعمل حارسا للكوشة.. ولكن المراكشي رفض طلبه..

مع مرور الأيام ,أصبح alin يتفادى المشي حول الحقول ومراقبة العمال وإصدار الأوامر والملاحظات..قام مقامه في ذلك نائبه  الأجنبي المقرب... انطوى على نفسه ولزم البيت لا يخرج إلا للذهاب الى 'الكوشة'..  

كانت فترة دخول   alinإلى الكوشة..  إحدى الفترات الأكثر رعبا بالنسبة لساكنة الضيعة ذلك أنهم يسمعون أنينا وصراخا  وتوسلات  لشخص يبدو كما لو أنه يعذب ..

شك الناس أول الأمر أن alinيحتجز أحدا هناك  ويمارس عليه التعذيب , لكن عندما أصبحوا يرونه يخرج مترنحا كمخمور ,يسقط أرضا ويأخذ في التدحرج إلى أن يوقف تدحرجه جدع شجرة ..يبقى ممددا على الأرض لبعض الوقت ثم يستجمع قواه وينهظ ..يمشي يرمي رجلا يمينا وأخرى يسارا ويحاول الاستمساك بنفسه كي لا يسقط مرة أخرى.. حينها فقط علموا ان alin هو من يعذب ..

كانوا يتحسرون لحاله  كلما مر أمامهم  ..بينما أنفته تجعله يحاول ان يبدو كما لو ان شيئا لم يكن, يحاول ان يمشي مرفوع الهامة وبرباطة جأش..... لكن, هيهات؟التعب يأخذ منه كل مأخذ :يمشي يتمايل  ..هيأته تختلف عما يكون عليه عادة :ملابسه مبللة وممزقة  ,شعره أشعت أغبر ...هذا المشهد سيبقى يثير في نفوس العمال الرعب كلما وقعت عيونهم عليه خاصة وان المشهد  يتكرر معه   ..

زادت حالة alinتدهورا عندما اتاه اشعار بضرورة الاستعداد لمغادرة الضيعة الى الابد   بحجة انتهاء الفترة الاستعمارية...  

كان ذلك يوم عرس في الضيعة وكذلك الامر كان على الصعيد  الوطني ...   ذبح  العمال  الغنم والماعز للاحتفال  بيوم الخلاص ..أكلوا وتصدقوا امام اعين alin زوجته اولاده وحاشيته من ابناء جلدته... هؤلاء اعجبوا بتلاحم هذا الشعب وتأزره. ..(  ذكرهم  ذلك بسر نجاح المقاومة ضدهم ... )    

 غادر ALIN وعائلته ,كما غادر امثاله من الاجانب  فما مصير ضيعةALIN  من بعد ؟  بعد  الاستقلال  تمت اعادة توزيع اراضي الضيعة بالتساوي على ساكنتها  من قبل الجهات المختصة..كان نصيب كل واحد منهم  14هكتارا  وأخذوا على إثر ذلك صفة فلاح صغير ..

كونوا تعاونية فلاحية ضموا اليها الجرارات والات الحصاد والجرافات  والات  الحلب  . عدوا الابار من اجل  ترشيد استعمال المياه ..

  بعد هذه الاحداث السعيدة حدثت تطورات لم تكن بالحسبان...فماذا حدث ياترى ؟

من بين السكان الذين استفادوا من 14هكتارا  سيدة يقال لها ( ام الخير) الهكتار الذي توجد فيه الكوشة كان من نصيبها .. اصرت منذ البدء على الرغبة في  استغلاله ..الامر الذي اثار معارضة الساكنة ...فوعدتهم بالتراجع عن قرارها تحت الضغط..مرت سنوات ذوات العدد فإذا بأم الخير تتراجع عن وعدها وتقتحم الكوشة ...   

في صباح اليوم التالي لاقتحامها هكتار الكوشة ,احس السكان بهزة ارضية خفيفة ..فهرعوا خارج المباني مخافة ان يدفنوا تحتها,ولما لم تتكرر الهزة ذهبوا  الى حال سبيلهم وهم يتوجسون خيفة ..

ذهب الصغار الى حيث يلعبون ..لأول مرة تجرهم خطاهم الى الكوشة..حينها اثار انتباههم سقوط سياج وباب الكوشة.. وقفوا يتأملون المشهد فإذا بهم يرون حمامة تطير وقد عضت على مؤخرتها حية كبيرة, الحمامة تبذل قصارى جهدها لكي تحلق عاليا بينما الحية تمارس عليها ضغطا نحو الاسفل ..  لينتهي الامر بسقوطهما معا ,تلتف الحية حول الحمامة...تعصرها وتشرع في التهامها  ..نعيق الغربان وصوت البوم  زاد المشهد رعبا..فانطلق بكاء وصراخ الاطفال  كصافرة انذار ..منهم من سقط مكانه  ومنهم من واصل الجري الى البيت...

أمام هذا المستجد تبين للسكان أن ام الخير قد فتحت عليهم وعلى الضيعة ابواب جهنم عبر مسلسل رعب استغرق سبعة ايام:

في اليوم الاول من اقتحام ام الخير للكوشة.. بدأ السكان يسمعون قرعا مثل قرع الطبول ,الصوت يتكرر بكثرة ,العجائز والشيوخ يفسرون الامر على انه نفير حرب ات من عوالم تحت ارضية كعالم الجن والعفاريت... راعهم الامر ..دخلوا مساكنهم وغلقوا عليهم الابواب ولزموا التضرع الى الله.. 

في اليوم الثاني ..عندما أشرقت الشمس,خرج الناس يسترقون السمع,يتحسسون الامكنة ,لا جديد في الامر ..ساقوا البقر والماعز والغنم الى الحقول ..اداروا محركات الابار ليسقوا القطيع وليدخروا الماء للاستعمال  اليومي في البيوت,فإذا بانفجار عظيم يسوي جبل الكوشة مع الارض .شبت النيران في الشجر والحشائش لساعات ...ثم انطفأت دون تدخل أحد ودون التهام الاراضي التي حولها...زاد اقتناع السكان ان المسالة لها علاقة  بالجن والشياطين وانهم دون شك ساقطون في مصيدتهم..

في اليوم الثالت من اقتحام أم الخير الكوشة ,أصبحت السماء صافية والشمس مشرقة , أخرج الناس كا لعادة قطعانهم الى الحقول, سقوا الماء ....فجأة ودون سابق إنذار, وعند زوال الشمس عن كبد السماء,ارتفعت حرارة الجو بشكل ملحوظ..البقرات في الحقول تتنفس بصعوبة , خوارها يسمع من بعيد ,بطونها تنتفخ بشكل ملفت . ظن الفلاحون اول الامر ان الانتفاخ ربما كان بسبب تناول القطيع حشائش ضارة اواعشاب  طفيلية تاثرت من جراء ادوية تم استعمالها للتخلص منها ...لكنهم غيروا رايهم عندما لاحظوا دخول الماعز والاغنام في مناطحة فيما بينهم ..يفرقونهم ثم يعودون  وبقوا على تلك الحال الى ان اخذوا في السقوط واحدا تلو الاخر ...حينها فقط علموا ان المسالة  لا علاقة لها بنوع الاعشاب التي تناولوها ...بدا الامر  اخطر مما ظنوه...

في اليوم الرابع: يستمر مسلسل الرعب في  الحلقة الرابعة منه...  الأراضي الزراعية التي كانت بهجة للناضرين وأنبتت الحمص والعدس والفول ودوار الشمس والقمح...وشجر المشمش وتوت الارض... اجثتت من جدورها فبقيت الارض  جرداء وخاوية على عروشها .. امام هذا الوضع  كانت الخسائر كبيرة ...وصدمة الفلاحين أكبر..

في اليوم الخامس:,اتجه الناس الى البوابة  الرئيسية للفرار بجلدهم من ( الضيعة المسكونة) هناك وجدوا مفاجأة  زادتهم رعبا الى رعبهم :ضرب على الباب بسور أعلى وأكبر من السور الأصلي فهل من  مفر..؟ اقترح عليهم المراكشي ارجاء المحاولة الى يوم أخر لعل الله يجعل  من امرهم خيرا... 

 

_في اليوم السادس الذي اعتبره السكان الحلقة ما قبل الأخيرة من مسلسل الرعب الذي تعيشه الضيعة وسكانها... استمسك السكان بأنفسهم وتواصوا بالصبر فيما بينهم وخرجوا كعادتهم كل الى حال سبيله ..كانت الصدمة أكبر عندما وجدوا الابار قد طمست معالمها وسويت مع الارض ومحركاتها مفككة  مجرد اكوام خردة لا تصلح لشيء... أحس السكان  حينها أنها بداية النهاية...

في غمرة السكوت والدمع المنهمر وهمهمة الدعاء التي تشبه دوي النحل  في صدور المرددين ,كسر المراكشي حاجز الصمت وكشف المستور  ...فماذا قال ياترى؟

أخبرهم  المراكشي أنهم جميعا في قبضة  قوى خفية  هي الجن  وأنه ان لم تتداركهم رحمة الله لن ينجو منهم أحد ...

أخبرهم أنه منذ البدء كان من معارضي فكرة أم الخير يوم عزمت  على اقتحام(  الكوشة) أخبرهم انه لو علم أن أم الخير ستخلف وعدها  لكان تدخل ليحذر الجميع من مغبة محاولتها..

أخبرهم المراكشي أن ALIN  يوم طلب منه حراسة الكوشة  أسر إليه  أنه وأصدقاءه الأجانب  لهم دراية  باستخراج الكنوز المدفونة تحت الأرض وأنهم  يجمعونها في الكوشة لأنه  يراها مكانا أمنا.. وأ ن ما كانوا يسمعونه من صراخ ينم عن ألم شديد في السنوات القليلة الماضية هو صراخه هو يعني alin لأنه لم يمتثل لأوامر  الجن حين طلبوا منه القيام بطقوس ترجع الكنوز الى أماكنها الأصلية  ..  أخبره a أن تلك الكنوز كانت في الاصل ملكا للجن  لكنه وأصحابه استخرجوها وطردوا الجن من حولها  .. احتدم الصراع بينهم فكان alin يقرأ طلاسم من  أجل طردهم من الكوشة كما طردهم من أماكنهم السابقة ..

عندما أحست الجن بتهديد a فرضوا عليه تسييجها حتى لا يقتحمها عليهم  المشعوذون فيطردونهم بعيدا عن كنوزهم  ..أخبرته الجن أن السياج هو صمام الأمان وأي اختراق له يعد  خرقا لقوانينهم واعتداء  على حماهم ... حذره الجن من أن أي محاولة لاقتحامها   سيجعلهم يبادرون ويدكون الضيعة على عروشها..

ذكرهم المراكشي  بتلك اللحظات التي كانوا يسمعون فيها صراخ alin ويرونه يخرج من الكوشة في حالة مرعبة ذكرهم أن تلك اللحظات كانت لحظات حرب من أجل البقاء ..الجن يتمسكون بالكنز و alin بدوره يتمسك به ويحاول استخدام ما درب عليه من طرق لصرف الجن عن الكنز ..كان يخطأ في طرق سرد التعاويذ فينقلب السحر على الساحر وتعذبه شرذمة الجن ثم تطرده خارج الكوشة..

لهذه الأسباب   انتاب المراكشي  الرعب  فرفض مقترح  الحراسة ليلا في مكان تسكنه الجن...

أخبرهم المراكشي أن alin فشل في محاولة استرداد الكنز ومنع منعا قاطعا من دخول الكوشة تحت مغبة قتله وتدمير الضيعة ثم التحليق بالكنز نحو عوالم الجن الخفية....

منذ ذلك الوقت  أصبح Aطريح الفراش يهتف بما يعرف  وما لا يعرف ,يتحسر على كنوز جمعها  لعقود و بنى بها قصورا من خيال في انتظار يوم العودة الى  موطنه ...ضاعت منه الكنوز في لمح من بصر ومن طرف عدو غير مرئي  لا يستطيع مبارزته  رجلا لرجل   ..

كان السكان يستمعون الى المراكشي بينما بلغت قلوبهم الحناجر من هول ماسمعوا ومن خوفهم . 

 

_اليوم السابع :

هذا اليوم هو الحلقة الأخيرة من مسلسل الرعب الذي عاشه سكان الضيعة ..في صباح هذا اليوم اصطحب المراكشي السكان جميعا الى حائط التين الشوكي الشاهق والعريض وشرعوا في التقطيع والتجريف لأحداث  طريق يوصلهم الى الجهة الاخرى منه حيث الطريق الموصل الى الضيعات المجاورة ..كانت الاشواك البيضاء الطويلة تدمي الاجساد العارية مرة تخز ومرة تقتحم الجلد لتكسر بداخله كانت الدماء تخضبهم لكنهم يعضون على الانامل صبرا ..ويستمرون فالوقت لا يرحمهم فإما الجراح الخفيفة أو الطمر تحت الأرض ..خرقوا السور ونفذوا بجلدهم الى الضفة الاخرى ..تركوا الضيعة خاوية على عروشها وقلوبهم بها معلقة ..كل ذكرياتهم وأحلامهم وانجازاتهم تركوها هنا ..ترك صغارهم الارجوحات وتركوا القطط والفراشات ..تركوا احواض المياه التي يستحمون فيها صيفا ...تركوا  كل شيء ...لكنهم يعودون ليتذكروا ان اهم شيء جلبوه معهم هو أرواحهم وسلامتهم  لم يتركوها بين أيدي الجن..وفي غمرة الذكرى يسمعون هدير الجبل والشجر والحجر  والتراب يمخر عباب الأرض في صورة انهيار للتربة يجرف كل ما يجد في طريقه فيصطدم بمساكنهم والحدائق والاصطبلات الفارغة والابار المسواة مع الارض وجعل عالي الضيعة سافلها ..حينها فقط  أعلنت( الضيعة المسكونة) ضيعة منكوبة...

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تجاعيد على قلب صغير

( التجارب المخبرية :محنة للحيوان ,منحة للانسان)

(سجان من غوانتانامو )