دعوة على العشاء






                                    

كنا صغارا وكنا لا نأبه لهموم الوالدين ولا لمشاغل العالم من حولنا ..نعيش لنأكل ونلعب ونمرح..

ساعة خلوة مع النفس ،عاودتني ذكرى الأمس.. 

من منا لا يخلو إلى نفسه ساعة صفاء يقلب صفحات  الأمس يطلق العنان للمخيلة 

يشم عبير الحنين في خضرة الحقول خلف الطيور والفراشات   فرارا من حاضر شحن قلقا .. 

 من نافذة  'السبعينات' أطل على ذكريات تركتها هناك قرب أرجوحتي وظفائري وقططي.. من جملة ما أذكر : شغفي بالرسوم المتحركة.. 

لم يكن في بيتنا جهاز تلفزة  كان لي كل ليلة  موعد مع حلقة  لدى جار من الجيران القلة الذين يملكون تلفازا...  جاء دور الفرجة  عند أحد معلي المدرسة و جئت المعلم ،قلت :

-         أستاذ والدي سيزوركم الليلة...

وأبلغت والدي :

-أبي المعلم يدعونا للسهرة

بدا والدي موفقا تنحيت جانبا،فركت يدي متحمسة  ولسان حالي يقول :

ضمنت الفرجة الليلة ... سرنا في دروب القرية نتفادى الحفر في ليلة مطرة باردة ..

طرق والدي الباب ذاك  الذي كان يبدو لي كمغارة علي بابا ..

تجاذب والدي أطراف الحديث مع المعلم بينما كان همي الوحيد هو ذلك الجهاز الغير مشغل

بدا أن أهل البيت كلهم نيام خلا الأستاذ الذي استقبلنا في بيجامة نومه مطأطأ الرأس ..رد فعل كنت الوحيدة التي تفهم معناه ..ليس مرحب بنا

عض الجوع أبي  وهو ينتظر كرم الضيافة فكان نصيبه منها  ،سيجارة لفافة تلو لفافة

سأل أبي المعلم عن سبب الدعوة:ما سبب الدعوة يا استاذ

ارتعدت فرائصي  وزاغ بصري خيفة الفضيحة رمقت المعلم  الذي لم تنطلِ عليه الحيلة يحدق بي   وهو يقول لأبي :إنها دعوة ،لكننا نأسف عن الوليمة :

تأخرت في المجيء ،نام الأهل وبرد الأكل ولم تعد له قيمة

خرجنا بعد منتصف الليل  وأبي إلى الإن  يتساءل: ما سبب الدعوة ؟ !

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تجاعيد على قلب صغير

( التجارب المخبرية :محنة للحيوان ,منحة للانسان)

(سجان من غوانتانامو )