على مشارف البلوغ

على مشارف البلوغ


انسابت ومضات من كل الخلايا، حفرت أخاديد عميقة في كياني،فجَّرتْ منابع نشوة   
فريدة ،حلوة المذاق لذيذة ،زهت بها النفس فحلّقتُ خارج دنيا الحس.. 

استعجلتُ نسمات البلوغ والحرية لأتذوق طعم الأنوثة وأنهل من نبع البالغات...  

امتطيت قطار الحياة..وهاهي امرأة تجر جسدا ممشوقا فارع الطول، تلوك علكة في 

 تُؤَدة، تزفها إلينا الأنوثة في مواكب عطور باريسية أخاذة،  ترتدي فستانا ورديا  

 ،طُرِّز عند النحر، والخصر، بخيوط حريرية نفيسة، مكشوف حذو الظهر، يعلو  

الركبتين مقرفصا،يتأمل الساقين ترشقهما سهام الأبصار في انتشاء ..أسرفت في 

 تبرجها إلى حد ملفت للنظر ... أطرقت السمع، فإذا همهمات، وقهقهات، تدوي في

 المكان، تمشي الهوينى  ،لاهية عن الهمز واللمز ،تحط خطوات مثقلة بالأنوثة  

كأنها تتفادى منابت الشوك ، تجر كرسيا وتجلس قربي،تأملت محياها ، تركت لدي 

 ابتسامتها العريضة وحيويتها انطباعا جميلا. بدت لي الحياة جدولا سهل  

الاجتياز ،كأسا عذب الرشفة ، وها أنا أعانق شواطئ الحياة في ظلمة  

أعماقي،وأخوض غمار أحلام غير مكتملة المعالم ،أحاول تسطير خطط مستقبلية  

على مرأى ومسمع من كل الحواس، تحتَ ضغط جسد يتنفس  عبق الأنوثة،فأصبحتُ  
محاصرة بجسد في قمة الثوران، يأبى إلا أن يسقيني من كأس أنوثتي حتى آخر  

قطرة ،أسكتُ نبراته،أتجاهل زوبعة يثيرها في كأسي انتصارا لرغبته،فأرجأُها إلى 

 حين،وأنزوي في ركن من أركان روحي أتأمل غربتي في جسدي.. 

تجاذبنا أطراف الحديث مطولا،تلت على مسامعي تراتيل عكوفها في محاريب العشق  
،سقتني مر ما تذوقته من معاناة في مسيرة البحث عن المتعة.حينها فقط زلزلت  

زلزالا، وتمنيت لو أنني بقيت طفلة بريئة ،أعيد فك ضفائري عنوة كل مرة لتحملني  
أمي وتمشط  شعري  ،وأبقى طويلا في حضنها  الآمِنِ ..تمنيت لو أنني  بقيت في  

رحمها فهو لي أرحمُ . 

همست لي وهي تقاوم دمعات حارقات 

-أنا أسيرة صدر مُثقل بركام عَفَنِِ حصيلة سنوات ضياع في شاطئ شهوة جامحة بلا قيود...تطاردني اللعنة في خلوتي,تترصد خطواتي عند بَهْوِ الانحسار عن شواطئ المتعة نكاية في توبتي ،تمتطي صهوة غدي تشتت راحتي ،  تنغص بسمتي ساعة الخلوة فيتحجر الدمع في مقلتي ندما على ما كان ....
-وما الذي كان سيدتي؟
تحاول إجابتي  فيفلت منها السَّرْدُ ويتعثر لسانها في حواجز الارتباك ..تبلع عباراتها على مضضِِ وتنسكب منها العبرات...
يحتدم الصراع بينها وبين الذكرى تحت ظل نبضها المتسارع ، وأخيرا تنطق وتقول :
-لا تخدعنك المظاهر,فدهاليز روحي عذاب كلها ..
بينما أنا  أترقب اُنقشاع غيوم لبدت سماء عودتي إلى السبيل السوي طويلا,يخبرني الطبيب أنني مصابة بمرض فقدان المناعة المكتسبة ..هو مرض قاتل وأنا في مرحلة العد العكسي الآن..
وبينما صوتها يجلجل على مسامعي, ينتابني مغص شديد في أسفل بطني ,أفقت من نومي وأمي تطمئنني أن الدم الذي يخضب ثيابي هو إيذان بالبلوغ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تجاعيد على قلب صغير

( التجارب المخبرية :محنة للحيوان ,منحة للانسان)

(سجان من غوانتانامو )